الرؤية الاقتصادية للإدارة الجديدة في سوريا

 

في خطابه بمناسبة "النصر"، قدم الرئيس أحمد الشرع رؤية اقتصادية متماسكة تستند إلى إعلاء سلسلة القيمة الاستراتيجية للاقتصاد السوري؛ تبدأ بتنمية الموارد البشرية كأولوية مطلقة، يليها النهوض بالقطاع الزراعي كقاعدة أساسية للأمن الغذائي والتنمية المستدامة، ومن ثم التركيز على الصناعة باعتبارها المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، وأخيراً تعزيز القطاع الخدمي كعنصر داعم للنشاط الاقتصادي. كما شدد الرئيس على ضرورة رفع كفاءة الموارد البشرية والاقتصادية لتحقيق التنمية الفعالة. 

 

هذه الرؤية تعكس فهمًا عميقًا لأولويات الاقتصاد السوري، حيث أن الاستثمار في الإنسان هو المدخل الحقيقي لأي نهضة اقتصادية مستدامة. فمن غير الممكن تطوير القطاعات الإنتاجية دون وجود كوادر مؤهلة تمتلك المهارات الحديثة والمعرفة العميقة لإدارة وتحفيز عجلة الاقتصاد. كذلك، فإن التسلسل المطروح يعكس ربطًا محكمًا بين القطاعات الإنتاجية، حيث يشكل القطاع الزراعي الأساس للصناعة، بينما تلعب الخدمات دوراً محورياً في دعم العمليات الإنتاجية وتعزيز البيئة الاستثمارية. 

 

إلا أن هذه الرؤية، رغم متانتها، بحاجة إلى إدماج ثلاثة عناصر رئيسية من وجهة نظري لضمان نجاحها في سياق الاقتصاد العالمي الحديث: 

1- تعزيز ريادة الأعمال: دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتسهيل بيئة الابتكار، فبدون رواد الأعمال لن يكون هناك تحول حقيقي في هيكل الاقتصاد. 

2- دمج الاقتصاد الرقمي: لا يمكن لأي اقتصاد في القرن الحادي والعشرين أن ينهض دون تبني التحول الرقمي، خاصة في القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية، من خلال الأتمتة والذكاء الاصطناعي وسلاسل التوريد الذكية. 

3- إعادة ربط القطاع الخاص السوري المهجّر: لأكثر من 50 عامًا، اضطر عدد كبير من رجال الأعمال السوريين إلى العمل في الخارج، واليوم هناك فرصة تاريخية لإعادة دمج رؤوس الأموال والخبرات من المغتربين مع القطاع الخاص المحلي لتسريع عملية التعافي الاقتصادي. 

 

نصيحة للمستثمرين ورجال الأعمال: في ظل هذه الرؤية، فإن الفرصة الآن تكمن في "بناء الشراكات المستدامة" والتركيز على القطاعات الإنتاجية التي تحقق قيمة مضافة حقيقية. الاستثمار في الكوادر البشرية والبنية التحتية الذكية هو المفتاح للنجاح في سوريا الجديدة.

 

وأخيراً أود التذكير بأن سوريا اليوم في مرحلة تعافي وليست مرحلة إعادة بناء، لذلك علينا عدم الإلحاح واستعجال النتائج الاقتصادية في السنوات الـ3 القادمة.